الذات ومفهـوم الـذات

12 commentaires


الذات ومفهـوم الـذات

لقد بينت الدراسات والبحوث حول مفهوم الذات الأهمية الكبرى[1] التي يحتلها في بناء الشخصية من جهة، والأهمية البالغة في الدلالة على خصوصية الشخصية وما تتطلبه من معاينة وإرشاد وتوجيه وتعديل من جهة أخرى. إن مفهوم الذات يعتبر النواة التي تتمركز حولها دلالة وقيمة الشخص في حد ذاته، فكل خلل أو اضطراب في هذه النواة يعني المرض النفسي وما يتطلبه من إمكانية للعلاج والإرشاد. فنظرا لهذه الأهمية، اعتبر كارل روجروز-Carl Rogers الذات محور نظريته في العلاج والمعروفة "بالعلاج الممركز حول العميل" كما هو مبين في كتابيه الأكثر شهرة، وهما «Relation d'aide et psychotherapie»«Le développement de la personne»، فقبل الحديث بتفصيل عن هذا الموضوع يلزم في البداية التفريق بين الذات Self ومفهوم الذات Self- Concept .
الـــذات:
أصبح موضوع الذات من المفاهيم التي تمثل جزءا هاما في علم النفس وتفرد له نظريات خاصة. فالإنسان اليوم بحاجة إلى معرفة ذاته وأبعادها معرفة واعية حيث يستطيع أن يتكيف مع بيئته التي أصبحت بالغة التعقيد. والذات كما يرى أحد الباحثين هي «الفرد متمثلا في أناه أي لذاته»أما هيلجر Hilgard فيعرفها «بأنها صورة الإنسان عن نفسه» أما البورت Allport فيؤكد على أنها «هي القوة الموحدة لجميع عادات وسمات واتجاهات ومشاعر ونزعات الهو»، فالذات «هي الشعور والوعي بكينونة الفرد،وتنمو الذات وتنفصل تدريجيا عن المجال الإدراكي، وتتكون بنية الذات كنتيجة للتفاعل مع البيئة وتشمل الذات المدركة، والذات من تصور الآخرين والذات المثالية، وقد تمتص قيم الآخرين وتسعى إلى التوافق والثبات، وتنمو نتيجة للنضج والتعلم».[2]
مفهـوم الـذات:
اهتم الباحثون بمفهوم الذات بأشكال مختلفة حسب تخصص كل واحد منهم وحسب اهتماماته العلمية والعملية المختلفة، فالبعض اعتبره مركب من الأفكار والأحاسيس التي تكون وعي الإنسان لوجوده الفردي ومفهومه عنه، ويحتوي مفهوم الذات مظهرين: جسدي ونفسي، حيث تتكون صورة الذات الجسدية من مفاهيمالفرد المتعلقة بمظهره الجسمي وأهمية كل عضو من أعضاء جسمه فيما يتصل بسلوكه والانطباع الذي يكونه الآخرون عن هذه الأعضاء. أما مفهوم الذات النفسي فيتكون من مجموعة من الصفات السيكولوجية التي يصف فيها الفرد نفسه كالإخلاص والاستقلالية والعجز.
ففي هذا السياق الخاص بتحديد مفهوم الذات، يعتبر كولي cooley من الأوائل الذين تعرضوا لمفهوم الذات، حيث عرف الذات بأنها «ما يشار إليه الكلام الدارج بضمائر المتكلم كأنا الفاعلة وياء المتكلم وياء الملكية ونفسي»[3]، أما لابن وجرين Labenne and Green فقد عرفا مفهوم الذات بأنه «التقويم الكلي الذي يقوم به الفرد لمظهرهوأصوله وقدراته وإمكاناته واتجاهاته وانفعالاته التي تتكامل كقوة موجهة له في سلوكه»[4]. ويرى اينشتاين أنمفهوم الذات عبارة عن «نظرية كونها الفرد عن نفسه وهي بالتالي جزء من نظرية أوسع موجودة لديه عن كل خبراته وهو يستخدم هذه النظرة كنسق منظم لحل مشكلاته»[5]. ومن الباحثين العرب يعرف فرج عبد القادر طهمفهوم الذات بأنه «صورة الذات أو فكرة الشخص عن ذاته وما هي الصورة التي يكونها الفرد عن نفسه في ضؤ أهدافه وإمكانياته واتجاهه نحو هذه الصورة ومدى استثماره لها في علاقته بنفسه أو بالواقع»[6]، في حين يعرفه حامد زهران على أنه «تكوين معرفي منظم ومتعلم للمدركات الشعورية والتصورات والتقييمات الخاصة بالذات يبلوره الفرد ويعتبره تعريفا نفسيا لذاته»[7]، كما عرفه سلامة وعبد الغفار بأنه «تلك الأحكام والصفات التي يطلقها الفرد على نفسه».    
بعد هذا العرض الموجز لتعريفات بعض الباحثين لمفهوم الذات، يمكننا تبني التعريف التالي: إن مفهوم الذات تكوين معرفي مكتسب، منظم، وثابت نسبيا ومتداخل العناصر والمكونات حول الذات، يبنيه الفرد لاشعوريا ويعتبره محددا خاصا لذاته كفرد يوجد في تفاعل مع باقي أعضاء المجتمع.
بعض النظريات حول الذات :
أولا: بعض نظريات التحليل النفسي
1-    الذات عند فرويد.
قدم فرويد نظريته في التحليل النفسي وقد قسم الذات إلى ثلاثة عناصر كما وضحها في كتبه العديدة وبالأخص في: «Inhibition, symptômes, Angoisse, 1926».
أ) الذات الدنيا (ça) الهـو:
وهو عبارة عن تلك الطاقة التي تتضمن الدوافع الغريزية الفطرية الموروثة والتي تكون مخزونة في الكائن الحي لا شعوريا ولا تخضع لقيم ومعايير اجتماعية، وتكون أشبه بالدوافع الحيوانية أو البدائية. وقد قسم فرويد الدوافع التي تشملها هذه الذات إلى دافع نحو الحب ويتمثل فيما أسماه بغريزة الحياة والغريزة الجنسية،وهناك دافع العدوان والموت وأطلق عليه غريزة الموت. وغالبا ما تلجأ الذات إلى إشباع حاجاتها عن طريق الأحلام (أحلام اليقظة) عندما تعجز عن تحقيقها على أرض الواقع.
ب) الذات الوسطى (moi) أو الأنـاالوسطى:
وهي الجزء الشعوري من الشخصية، وهي تسعى للتوفيق بين مطالب الذات الدنيا البدائية  وبين قيم وأخلاقيات الذات العلياوتتكون هذه الذات نتيجة العقبات التي يلاقيها الطفل حينما يكبر ويصطدم بالواقع ويضطر معها للتصرف بالمنطق العقلاني لإشباع حاجاته البدائية وتجنب العقاب من قبل الآخرين.
ج) الذات العليا (Sumoi-ego) أو الأنا الأعلى:
أو ما يسمى بالضمير وهي تمثل القيم والأخلاقيات المثلى التي تقوم بضبط سلوك الفرد ويتعلمها الطفل عن طريق استدماج قيم وأخلاقيات الوالدين والأشخاصالمحيطين به حتى تصبح كأنها قيمه الذاتية التي تنطلق تصرفاته من خلالها بقية حياته.
2-    الـذات عند كارل يونـج:
تعتبر الذات عند يونج جزء من بناء الشخصية وهي «تقع في الوسط بين الشعور واللاشعور»[8]وعلى هذا فإن الذات «هي نقطة الوسط في الشخصية»[9] التي تمد الفرد بقدر من التوازن والثباتالذات كما يراها يونج هي «هدف الحياة الذي يسعى الناس لبلوغه»[10] بشتى الطرق من الزهد والتصوف والرغبة في التحرر من نزعات الشيطان ولكنه يرى أن الناس لا يمكن أن تبلغ هذا الهدف لعدم وجود الكمال في البشر. ومما يجدر ذكره أن يونج لم يتعرض لمفهوم الذات وإنما اكتفى بتعريف الذات وبيان ماهيتها.  

3-    الذات عند ألفرد آدلر AdlerA.:
تمثل الذات عند آدلر في كتابه: «Connaissance de l'homme» نظاما شخصيا وذاتيا للغاية. بمعنى أنها تميز كل فرد عن غيره، فذات الفرد من الصعب أن تشابه ذات فرد آخر حتى ولو كان توأمه الصنوان، فلكل فرد ذات متميزة في حد ذاتها ولذلك فهو يراها صاحبة السيادة في بناء الشخصية وهي لا تتكون فقط مما ورثه الفرد من والديه وإنما تتأثر بالظروف الاجتماعية وتتفاعل مع المتغيرات المختلفة. وقد سمى آدلر ذاته هذه بالذات الخلاقة لأنها تعمل على ابتكار أفكار جديدة وخبرات تعين الفرد على مواجهة ما يطرأ على حياته من تغيرات ولتشبع في الفرد حاجته للحياة وللتميز بين أقرانه. 
4-      نظام الذات عند سوليفان:
استخدم سوليفان مصطلح نظام الذات للدلالة على أن هذا النظام يعمل على وقاية الفرد من القلق والتخلص منه (خفض التوتر) بحيث يعمل على حماية الفرد من أن ينتقد نفسه نقدا موضوعيا. ونظام الذات عند سوليفان يلجأ إلى استخدام الأساليب الوقائية التي تضبط سلوكه وتجنبه القلق الناتج من العقاب. كما يرى أن الذات تتكون من عمليات التفاعل الاجتماعي، وقدم مفهوم الآخرين بمعنى أن الطفل يتفاعل مع الآخرين ذوي الدلالة الخاصة كالأم مثلا بدلا من المجتمع ككل. لذلك فالطفل يتمثل القيم التي تيسر له إشباع حاجاته الخاصة من الآخرين (الأم) تجنبا للقلق الناتج عن مخالفة هذه القيم، لذلك اصطلح ما يسمى «بالذات الطيبة» وهي ارتضاء أشكال معينة من السلوك للفرد و«الذات الشريرة» وهي منع أشكال أخرى من السلوك[11].  
ثانيا: نظرية الذات لكارل روجرز:
يعتبر كارل روجرز أبا لنظرية الذات، فقد صاغ نظريته بعد خبرة طويلة مع أسلوبه في العلاج المسمى"بالعلاج المتمركز حول العميل".وصاغ نظريته في اثنين وعشرين مسلمة وأهم ما ضمنه في نظريته قائمة على الفرد وأنه هو مركز هذا الكون والقادر على تغييره. وفي ضوء خبرته بالعلاج النفسي وتعامله مع أعداد كبيرة من الأفراد وجد أن «بنيان الذات يتكون نتيجة للتفاعل مع البيئة ونتيجة لنظرة الآخرين إلى هذا الشخص وهوبنيان يتغير في ضوء عمليات التفاعل التي تتم في الوسط البيئي. كما أن قيم هذه الذات تمتص من الآخرين، لكن الشخص يتعامل معها كما لوأنها تمت عن طريق خبرته الذاتية (الشخصية)، وأن السلوك الذي يسلكه الفرد ينطلق من نظرة الشخص لذاته إن كان مرغوبا أو مكروها، يتفق مع بنيات الذات ... الخ، وطبعا هذا كله يخضع لتقييم الشخص لنفسه من وجهة نظره في ضوء ما يراه الآخرون. والشخص قد يرفض الخبرات التي لا تتفق مع بنيان الذات حتى لا تسبب له قلقا، وأحيانا نجده يضحي بذاته من أجل الحصول على التقبل الاجتماعي الذي يطمح في الحصول عليه من قبل الآخرين. ومن نطريته قوله أن الشخص ينظر إلى أي خبرة يمر بها في ضوء منظوره الشخصي لذاته، ويعتبرها حقيقة قائمة على الرغم من أن هذه النظرة قد تتعارض أحيانا كثيرة مع الحقيقة».
وبما أن الشخص يوجد داخل مجال خبرة (بيئية)، فإن روجرز يرى أن هذه الخبرة لا تدرك شعوريا كلها وإنما الجزء الأكبر منها يدرك لاشعوريا بالإضافة إلا أن جميع خبراتنا يمكن أن تدرك شعوريا إذا دعت الحاجة إليها. وينظر روجرز إلى الكائن الحي ككل مركب لا يمكن تجزئته، وذلك لأن الفرد حينما يستجيب لموقف خبرة معين، لا يستجيب طرف واحد منه وإنما يستجيب سيكولوجيا وبيولوجيا وبالتالي فالفرد يدرك المجال الظاهري ككل منظم[12] وعلى هذا فإن روجرز يتفق مع أصحاب نظرية الجشطلت في أن الكائن الحي يدرك موقف الخبرة ككل بداية ثم يبدأ في إدراك الأجزاء الصغيرة منه. ويؤكد روجرز على أن هدف الفرد هو تحقيق ذاته والحفاظ عليها ويقصد بتحقيق الذاتالغاية التي يسعى الناس إلى تحقيقها من الحياة، وينطلق ذلك من عدة دوافع توجه الفرد لتحقيق حاجات ملحة لديه. ومن بين فروضه أن أي سلوك للكائن الحي يصاحبه انفعال تختلف حدته بنوع هذا السلوك، فلو فرضنا أن السلوك كان خطرا مهددا للفرد مثل قيامه بالكذب وهو أسهل ما يمكننا قوله فإنه من الطبيعي أنتزداد شدة الانفعال المصاحبة لهذا السلوك. وبناء الذات هو الذي يحدد للفرد نوع الخبرات التي يتقبلها والتي يرفضها.          
وأخيرا يتطرق روجرز إلى ثلاث مواضيع مهمة هي:تحقيق الذات أو الغاية التي يسعى الناس لتحقيقها من الحياة، ثم الإبقاء على هذه الذات تحت مختلف الضغوط والتوترات التي تواجهه في بيئته مما يؤدي إلى نضج الشخصية تحت تأثير الخبرة والممارسة، ثم تأتي مرحلة تقوية الذات وهي أصعب مرحلة، فما أن يحقق الفرد ذاته حتى يسعى إلى تقويتها من خلال عمليات كسب أو فقد الأهداف التي وضعها الفرد لنفسه وعمليات التقدم والإحجام نحو أهداف محددة وما ينتج عنها من إحباطات وآلام تصاحب الفرد أي باختصار عملية صراع مع الحياة[13].
كيف يتكون مفهوم الذات لدى الفرد؟
من الصعب أن نحدد عاملا واحدا يؤدي إلى تكوين مفهوم الذات لدى الفرد، فالعوامل تتداخل مع بعضها بحيث تصنع في النهاية ذلك النسيج المركب المعقد في الشخص. إنهذه العوامل إما أنتؤدي إلى تكوين مفهوم موجب للذات يساعد الفرد على التكيف النفسي السليم مع بيئته ونفسه أو مفهوم سالب للذات يؤدي بالفرد إلى المرض النفسي وبالتالي سوء التكيف. وكما ذكرنا فإن العوامل تتداخل فيما بينها ولا يمكن فصلها سوى من الناحية النظرية. إن وعي الفرد بذاته يتكون في المراحل الستة الأولى من حياته، فالطفل يبدأ بالتعرف على من حوله من أشياء ويحاول إشباع غرائزه الفطرية دون أنيكون واعيا بذاته وما أن يبدأ الوليد في المشي أو الزحف أو الاصطدام بالأشياء الأخرى وما يقابلها من رفض أو استنكار الوالدين لبعض تصرفاته يبدأ حينها يشعر بأن هناك شيء مرفوض عليه فعله. وينمو إحساس الطفل بأعضاء جسده أو ما يسمى بالذات العضوية وهذه تعتبر أولى بوادر إحساس الطفل بذاته وأن له شيء يميزه عن غيره. يلي ذلك محاولة تأكيد الذات في السنة الثانية والثالثة عندما يرفض الخضوع للأوامر، ثم في سن الرابعة وحتى السابعة تكتسب الذات أهميتها من جانب الطفل ويبدأ في التفاخر بذاته أمام أقرانه كأنه يقول «هذا أنا» ويبدأ الطفل بمقارنة سلوكه بسلوك غيره من الكبار أو أقرانه والتوقعات التي يتوقعونه أن يسلكها، هكذا يسعى الطفل لتحقيق ذاته



[1]- Combs A.W. et col., Helping Relationships, Boston, Allyn Bacon, 1979.
[2]- حامد عبد السلام زهران، علم النفس الاجتماعي، القاهرة، علم الكتب، ط.4، 1977.
[3]- ناصر الصديق العزيز. مفهوم الذات والتكيف لدى المكفوفين، المنشآة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس 1983.
[4]- نفس المرجع السابق.
[5]- المرجع السابق نفسه.
[6]-  فرج عبد القادر طه. معجم علم النفس والتحليل النفسي، القاهرة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
[7]- حامد زهران، الصحة النفسية والعلاج النفسي عالم الكتب للنشر –القاهرة، 1997.
[8]- سيد محمد غنيم، سيكولوجية الشخصية، القاهرة، دار النهضة العربية.
[9]- هوك ولندزي: نظريات الشخصية، ترجمة أحمد فرج وآخرون.
[10]- نفس المرجع السابق.
[11]- هوك، نظريات الشخصية، المرجع السابق.
[12]- هوك، نظريات الشخصية، المرجع السابق.
[13]- سيد غنيم، سيكولوجية الشخصية، مرجع سابق.


Share/Bookmark
Lire la suite...

د. المصطفى حدية لـ «الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي» حول كتاب: «الشباب، التربية والتغير الاجتماعي

13 commentaires

د. المصطفى حدية لـ «الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي» حول كتاب: «الشباب، التربية والتغير الاجتماعي
خاصية التحول الفجائي تفرض علينا البحث عن مشروع تنشئة اجتماعية متناسق العناصر
حاوره: عمر اليوسفي
أصدر الدكتور المصطفى حدية كتابا جديدا بعنوان «الشباب، التربية والتغير الاجتماعي»، وهو باللغة الفرنسية. وهو الكتاب الذي يرصد التحولات التي انعكست بشكل مباشر وغير مباشر على دور ومكانة النسق التربوي المعتمد وما يفرزه من نتائج على مستوى التكوين والتنشئة الاجتماعية للطفل والمراهق في المجتمع المغربي الراهن.وفي ما يلي حوار مع الدكتور حدية حول أهم المحاور التي استعرضها في هذا الكتاب الهام:
ما هي أهمية هذا الكتاب حول هذا الموضوع: الشباب، التربية والتغير الاجتماعي؟
إن هذا الكتاب حول الشباب والتربية والتغير الاجتماعي صدر في وقت ملائم يتزامن مع الاهتمام الخاص بوضعية الشباب والتربية في إطار مجتمع تتسارع فيه التحولات على جميع المستويات، تحولات انعكست بشكل مباشر وغير مباشر على دور ومكانة النسق التربوي المعتمد وما يفرزه من نتائج على مستوى التكوين والتنشئة الاجتماعية للطفل والمراهق في المجتمع المغربي الراهن. تحولات أثرت بشكل عميق على بنية الأسرة والمدرسة ومجمل مؤسسات التكوين والإعداد لأجيال المستقبل.في إطار هذا الواقع المتحرك يطرح المؤلف تساؤلات عميقة حول وضعية الطفولة والمراهقة في الوسطين القروي والحضري مع إبراز المشاكل ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية والتربوية التي ترتبط بشكل أو بأخر بالتكوين والإعداد البناء لأجيال المستقبل فأية هوية للشباب المغرب اليوم في ظل هذه التحولات المتسارعة؟ ما هي الصورة التي يكونها عن ذاته وأسرته والمدرسة اليوم وفي الجامعة وما تفرزه من مشكلات لها علاقة بالبطالة و الهدر المدرسي والجامعي؟ إلخ..أسئلة متنوعة تحاول رصد خصائص الهوية الشبابية ومن خلالها تحليل الواقع الاجتماعي بمختلف تعقيداته ومكوناته. معتمدا في ذلك على الدراسات الميدانية التي أنجزت في الوسطين القروي والحضري على مدى سنوات خلت إن أهمية الكتاب تكمن أكثر في أنه يحاول رصد الواقع بمقاربة نفسية اجتماعية معتمدا في ذلك تقنية التساؤل والتفكير النقدي أكثر من إعطاء إجابات جاهزة.
ما هي أهم المحاور التي تناولها الكتاب؟
إن الكتاب يتضمن عدة محاور مترابطة تهم الجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية والثقافية للشباب (الطفولة والمراهقة) في المجتمع المغربي، محاور يمكن حصرها كما هووارد في الكتاب في الفصول التالية:- التعقد الاجتماعي واندحار المدرسة- الشباب: القلق والتوثر الاجتماعي- الآليات الهوياتية واستراتجيات الاندماج في المجتمع الحالي- التواصل: الشباب والعلاقات الوالدية في الوسط الحضري- الشباب المتمدرس: الاتجاهات، القواعد والقيم الاجتماعية في الوسط الحضري- الوسط القروي: التمدن والمثاقفة في وسط متغير- الطفولة القروية: النمو والشخصية القاعدية- الشاب القروي المتمدرس: التنشئة الاجتماعية والهوية- العمال، التنظيم ومشاكل الاندماجإذن هناك محاور متعددة، تتضمن عدة قضايا وأسئلة تحاول رصد مضامين كل محور بأسلوب ومنهجية تعتمد توليد القضايا والمشاكل المرتبطة بالواقع المعقد والمتغير.
ما الفائدة من مثل هذه الدراسات في المجتمع المغربي الحالي؟
إن تناول عدة قضايا تتعلق أساسا بالأطفال والشباب أمر بالغ الأهمية، ولاسيما إذا ربطنا هذه المحاولة بما تمت الإشارة إليه من مختلف التحولات التي يعرفها حاليا مجتمعنا المغربي، والتي تكمن وراء العديد من الأوضاع النفسية و الاجتماعية و التربوية التي تعيشها هذه الفئات مثل مشاكل التمدرس والانحراف والتهميش والبطالة وصعوبة التكيف الأسري و المدرسي و لاندماج لاجتماعي ... الخ. وإذا أدخلنا في الاعتبار كون الأطفال والشباب في أوضاعنا الراهنة يشكلون إحصائيا قاعدة واسعة جدا لهرم سكاني في مجتمع ثالثي شاب في اغلبه، فإنه يتضح جليا كم يكون من المفيد، علميا واجتماعيا، دراسة أوضاع هذه الشرائح السكانية، وموقعها في البناء الاجتماعي، ومدى إسهامها في مسيرة التنمية والتحديث. وخاصة إذا تم ذلك من منظور نفسي اجتماعي منفتح، كما حاولنا الالتزام به والوعي بحدوده ومحدوديته، وقابلية معطياته للتحاور والنقاش العلميين. إن الكتاب بهذا الوعي و الالتزام العلمي و لاجتماعي، يقدم للقارئ هموم الشباب و تطلع الشباب، و إصراره على التحدي و المجابهة و الاستمرار.
في ظل هذه التحولات التي تم الحديث عنها هل هناك حاجة ماسة لمشروع تنشئة اجتماعية وتربوية؟
بالفعل، إن أي مجتمع يرغب في التطور والتقدم، يجد نفسه في حاجة ماسة إلى مشروع تنشئة اجتماعية متناسق العناصر نسبيا، يهدف إلى اعداد الأجيال بحيث يعمل على تسهيل عملية و سيرورة الاندماج الاجتماعي المتواصل. فالحاجة إلى هذا المشروع تكتسي أهمية قصوى إن لم تكن حيوية في المرحلة الراهنة من تحول المجتمع، نظرا لخاصية التحول الفجائي و مميزاته و تبعا كذلك لتأثير عوامل خارجية متعددة المصادر والمنابع.
ما هي محددات و خصائص التنشئة الاجتماعية وتكوين الهوية في الوسطين القروي والحضري بالمغرب؟
في إطار ما يعيشه المجتمع من تحولات انعكست أثارها على مختلف البنيات و الهياكل المجتمعية وجوابا على مضمون السؤال بشكل دقيق ندرج فيما يلي أهم الخلاصات المتوصل إليها من خلال البحوث الميدانية في كلا الوسطين القروي والحضري.
أولا : في الوسط القروي
إن المجتمع القروي، من خلال خضوعه و الحالة هذه لنوع من السيطرة و الاختراق من لدن الثقافة الحضرية، يبدو و كأنه يصطدم بقوة الأشياء مع بروز حاجة جديدة وتطلعات جديدة، لا يمكن اعتبار لاستجابة إليها، وبالنظر إلى السياق الاجتماعي السياسي القائم على أرض الواقع، بالأمر الهين والسهل، كما أنها لا يكمن أن تكون في متناول الجميع.والحاصل أن هذا المجتمع، ومن خلال عيشه تحت تأثير توارد وسائل الاستهلاك التي يتم إشاعتها عبر سيرورة التمدين جارية على قدم وساق، قد وجد نفسه في المواجهة مع مؤسسات غريبة عنه ومستوردة ومن جملة تلك المؤسسات المدرسة في حد ذاتها، حيث إن الآثار التي نجمت عنها تعتبر على قدر كبير من التأثير والحسم على المستوى الاجتماعي الثقافي، خصوصا إذا علمنا بان إقامة تلك المؤسسة و إنشائها بشكل مكثف إلى حد ما، هي عملية قد تولت المسؤولية في انجازها السلطات السياسية القائمة. مع أنها علاوة على ذلك، تنقل عبر سياق يقوم على ثنائية المهيمن والمهيمن عليه، أي هيمنة الحضري على القروي، عناصر القطيعة مع الوسط القروي، الذي و حسب ما يبدو قد ظل ينظر إليه من زمن طويل على أنه قاصر.و في هذا الإطار، فالأسرة القروية، و بالرغم من انفتاحها على العالم الخارجي و بالرغم من تثاقفها من جانب المجتمع الحضري، ما تزال تتميز، بالرغم من ذلك بعقليتها (المغلقة) إزاء المجتمع الشمولي (العام). وذلك على الأقل على المستوى التربوي بمعنى أن وجود أي مؤسسة أخرى غير مؤسسة الأسرة، هو وجود لا يمكن أن يكتسب قيمة ما في رأي أغلبية القرويين، إلا على ضوء النفعية التي يمكن أن يحصلوا عليها من وراءه، ودلك باعتباره وسيلة يمكن أن تساهم في تحسين الوضعية الاجتماعية الفردية. أو بعبارة أخرى إن المدرسة عند القرويين ما تزال تعتبر بمثابة المرجعية التي يمكن لعناصر الحيز المحيط بهم أن تستمد منها قدرتها المنفعية وذلك بصفتها وسيلة لتحسين الوضعية الاجتماعية و المادية. وهكذا يظهر إننا ما نزال بعيدين كل البعد، وعبر هذا السياق، عن أي تكاملية و وظيفية ومؤسساتية تبادلية.وبناء عليه، فإن موقفا من هذا القبيل إزاء المدرسة لا يمكن أن يبقى دون أي انعكاس على (تمدرس) الطفل القروي و الشباب القروي و في نفس الوقت على نوعية التنشئة الاجتماعية التي يعتبر ذلك الطفل و الشاب موضوعا لها. و الحاصل أن الأطفال و الشباب المتمدرسين في المجتمع القروي يبدون كالغارقين بالرغم منهم في عالم ينتمي إلى الراشدين، عالم الكبار المختلف عن متطلبات وتطلعات وحاجات الشباب.فالطفل الشاب القروي يكون بناء على هذا هوية سلبية، طيعة، تقبل بالواقع في إطار مسايرة التصورات و التمثلات الوالدية مع المطالبة بتغيير الواقع المعاش، الواقع المادي. مما ينم عن تنشئة اجتماعية غير ملائمة و هوية ممزقة و منجذبة لميزات و ايجابيات الوسط الحضري من جهة و متطلعة لرفض الواقع المعاش المادي في الوسط القروي.*
ثانيا: الوسط الحضري
بناء على تصورنا للتنشئة الاجتماعية على أنها، من جهة، سيرورة مستمرة و متغيرة على امتداد الحياة، من حيث أنها تهدف من خلال ذلك إلى الاندماج الاجتماعي النسبي و المتوالي من لدن الفرد وباعتبارها، من جهة أخرى بمثابة وسيلة لاكتساب الشخصية من خلال استيعاب معايير و قيم و تمثلات اجتماعية الخ... من أجل تحقيق درجة من التوافق النسبي عبر سياق الحياة الشخصية و الاجتماعية للفرد داخل تلك الحياة المتغيرة باستمرار. بناءا على ذلك فإن التنشئة الاجتماعية، حسب ما يبدو تعاني من قصور ما عبر الوسيطين التنشئيين ، الأسري و المدرسي ، و ذلك من جراء عدم تمكنها من الحضور في الوقت المناسب أو في الموعد المتزامن مع التحولات العميقة التي نشأت بالمجتمع، ثم تركت في واقع الأمر، إننا أمام سيرورة تنشيئية اجتماعية غير ملائمة، سيرورة تتميز على مستوى المضمون الاجتماعي بوجود انقطاع ما عن الواقع لدى هؤلاء الشباب، و بقيام انفساخ فيما بين (المتلقى) و (المعاش). نعم انقطاع عن الواقع بقدر كبير من العمق، إلى درجة أن مضمون التنشئة الاجتماعية سيصبح، و الحالة هذه، مغلفا بإيديولوجية تتصف بالجمود كما تضفي على نفسها مسحة من المثالية و الأسطورية لما يمكن أن يعرض تلك العملية لانعكاسات خطيرة.وتبعا لما ذكرنا، إن هذا الواقع التنشيئي الاجتماعي لا يمكنه إلا أن يدفع بالشاب المتمدرس بالوسط الحضري نحو تكوين هوية نفسية اجتماعية تتميز سماتها الأساسية بالدرجة الأولى بتموضعها في إطار من القطيعة على المستوى الفكري و المادي. إنها قطيعة تضم في عمقها نزوعا قويا نحو الاستقلالية والفردانية لدى هؤلاء الشباب، نزوعا يكشف عن نفسه بكل جلاء من خلال الانتقادات والمؤاخذات التي يعبر عنها الشباب إزاء الراشدين والكبار. الذي يبدو و أنه لا مجال للتفاهم معهم حسب رأي الشباب وحسب نوعية الفئات الاجتماعية والمستوى التعليمي والثقافي للأوساط الاجتماعية الاقتصادية التنشيئية.
هل اقتصر الكتاب فقط على موضوع التنشئة الاجتماعية و الهوية؟
لقد شكل موضوع التنشئة الاجتماعية و تكوين الهوية محور الكتاب دون إغفال التطرق لقضايا البطالة كأحد النواتج المرتبطة بالمدرسة والجامعة والوضع الاقتصادي الاجتماعي السائد، والتي يعاني من سلبياتها الشباب في القرية كما في المدينة. بالإضافة إلى هذا تم التطرق كذلك لقضايا المرأة كالأمية في الوسط الحضري والقروي ومشكلات اندماجها اقتصاديا واجتماعيا والسلبيات التي تعيق تحسين وضعية المرأة من الناحية القانونية و ما يرتبط بالمدونة. هذا دون أن ننسى التعرض لمشكلات العمال و المشتغلين في المنظمات والمؤسسات الإنتاجية و ما تطرحه وضعيتهم من حيث الاندماج و الرضا عن العمل في مجتمع متغير.
نشر في جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ :6/2/2015

Share/Bookmark
Lire la suite...

Modernité et statut social des jeunes

0 commentaires

·
Modernité et statut social des jeunes

Dans la société traditionnelle, l’enfant et le jeune ont un statut social indéterminé. Seul compte ici l'homme adulte parce qu'il est capable de
produire des biens économique. Mais, la modernité, en inventant les
concepts d'enfance et d'adolescence (dans le sillage du concept d'individu)
et en les introduisant par le biais de l'école et des mass-média dans la
société marocaine, a créé une situation de malaise;
D'un côté, nous avons une société (à peine sortie du modèle
patriarcal) qui refuse, d'une manière générale et pratiquement, à l'enfant et
au jeune le statut d'individu. D'un autre côté, une jeunesse consciente
de son poids dans la société et qui revendique le droit à l'intégration par
le biais de la scolarisation, la formation et, partant, sur la participation dans la vie active, en vue de contribuer au développement sociétal.
A la suite d'une relative stabilité séculaire du corps social, on assiste aujourd'hui à des changements accélérés, dont les conséquences se sont avérées décisives sur le plan de l'intégration et de la formation de l'individu. Ainsi, s'explique l'apparition récente du concept de socialisation et de celui d'identisation (identité personnelle) dans les sciences sociales.
A vrai dire, remettant en cause toute une conception de la société et de ses structures sociales, le concept moderne de socialisation tend à un décloisonnement social. Celui-ci est d'autant plus indispensable qu'il permet aux différents groupes sociaux de vivre, voire de conquérir leur statut de groupes autonomes qui, tout en maintenant des relations d'interdépendance et de complémentarité, s'expriment et évoluent relativement normalement.
En fait, pour se concrétiser, ce processus exige un type particulier d'interactions dont le caractère principal est l'exclusion relative des relations d'oppression et de soumission excessives. Ceci ne voudrait, certes, pas dire la négation et le rejet de l'autorité, quelle qu'elle soit, mais il convient de considérer celle-ci pédagogiquement, en vue de permettre à la personnalité de l'enfant et le jeune de s'épanouir normalement.
Il est temps donc de s'interroger sur les types d'interactions qu'entretient l'enfant avec les agents socialisants dans la famille et l'école et la société.
L’évolution du milieu urbain a changé les structures familiales et, par là même, les conditions de vie des jeunes. Elle a accéléré la transformation de leurs des perceptions, de leurs attitudes, voire de la nature et de la qualité de leur savoir.
Suite donc à la mouvance de ce milieu, qu'en est-il des conceptions des jeunes de la société d'aujourd'hui ? C'est-à-dire, quelles sont leurs attitudes vis-à-vis des normes et des valeurs sociales régulant les
comportements des agents sociaux ? Comment «regardent»-ils et jugent-ils ces comportements ?
Il s'agit pour les jeunes d'une nouvelle société caractérisée par la domination et l'exploitation du «pauvre» par le «riche», par la quête du profit, l'apparition du clientélisme et l'inégalité profonde et injuste entre les diverses classes sociales. «La vie dans la société d'aujourd'hui - déclare un jeune - est répartie en deux blocs : les privilégiés et les marginalisés.
Tout le monde donne aujourd'hui plus d'importance à l'apparence et à l'habillement. Celui qui sait «jouer le jeu» par le biais de la parole et des actes, est considéré par les gens. Ceux qui ont l'argent imposent leur respect aux autres et sont très bien «considérés...».
Cela dit, ne s'agit-il pas sur le plan axiologique et normatif d'une crise qui tout en reflétant la «perte» et le désarroi des parents, se manifeste dans l'indétermination des statuts et des rôles réservés à la jeune génération

Share/Bookmark
Lire la suite...

Représentations religieuses des jeunes au Maroc et transformations sociales

3 commentaires



Représentations religieuses des jeunes au Maroc et transformations sociales
Pr.Elmostafa Haddiya
Psychosociologue-FLSH-Rabat
On parle beaucoup de la jeunesse, des jeunes, des "problèmes "  de l'adolescence, etc.., ces discours ne manquent pas d'intérêt, mais sont souvent stéréotypés quelque peu idéologiques. Autant de représentations sont associées à la jeunesse suivant les spécificités sociétales, historiques et culturelles, notamment les catégories d'impatience, de frivolité, de non-conformisme, de révolte, de changement, de nouveauté, de force, de progrès, etc.. ; des représentations construites socialement dans la lutte entre les jeunes et les vieux et qui montraient -selon P. Bourdieu -que " les vieux proposaient à la jeunesse une idéologie de la virilité ( de la virtu), de la violence, ce qui était une façon de réserver la sagesse, c'est à dire le pouvoir " (question de sociologie).(1)
De telles représentations associées aux jeunes ont été bouleversées par les sciences de l'homme au 20eme siècle. La psychologie et la sociologie, en particulier, ont introduit une révolution dans notre vision de la jeunesse. Avec ces deux sciences, la jeunesse n'est plus pensée comme une catégorie figée, mais comme un processus. Elle n'est plus perçue comme une période de transition entre l'enfance et l'âge adulte un moratoire  psychosocial. Il s'agit plutôt d'une phase  de formation, d'orientation et de prise de décision essentielle pour le déroulement ultérieur de la vie "un âge de la vie" à part entière.
Pour certains chercheurs "Jeunesse moderne" ne signifie pas seulement "jeunesse en formation" mais désigne aussi un degré d'indépendance et d'autonomie qui n'existait pas autrefois qui se traduit par le développement de formes de vie propres d'une culture centrée sur la jeunesse. L'indépendance, la conscience de soi et l'affirmation de soi sont des valeurs qui ont de l'importance. La jeunesse témoigne aujourd'hui d'une relative indépendance socioculturelle plus forte que jamais.
Dans ce sens la question qui se pose est de connaître les caractéristiques des représentations construites par les jeunes à propos des valeurs religieuses au cours de leur processus de socialisation familiale, scolaire et sociétale, dans une situation d'acculturation spécifique et mondialisée.
De nos travaux de recherche sur les jeunes, et du traitement des données collectées par entretiens semi-directifs et des questionnaires, nous avons pu répondre à la question suivante posée aux jeunes : " quelles sont d'après vous les valeurs en Islam ?".
La réponse à cette question requiert au préalable les représentations des jeunes  vis-à-vis de leur contexte sociétal actuel. Représentations dont l’impact serait important dans la clarification des opinions et des attitudes des jeunes vis-à-vis des valeurs religieuses.
Etre jeune dans la société d'aujourd'hui
« La vie dans la société ressemble à une fleur en automne. L'automne qui a duré longtemps dans notre société ne veut pas s'en aller. Comment pourrait être cette vie si tout le "monde" est égoïste et ne cherche que son profit? La vie n'aura pas de goût si elle ne change pas" (déclare un jeune lycéen).
"Vivre" aujourd'hui est une chose très difficile. Ceci est dû à des problèmes d'ordre économique, social et même religieux. Dans cette société, la priorité est au plus "fort", sans considération ni de la religion, ni de la dignité de l'individu.
« la société marocaine d'aujourd'hui est devenue pénible et déplorable, car la famille marocaine ne tient plus aux mœurs et à l’identité de la société. Le père, lui, n'a plus d'autorité d'antan étant donné qu'on trouve - parfois- le père à la maison et les enfants à la rue. Ce fait accroît la délinquance, le chômage et les crimes et favorise les difficultés de la vie" (déclare une jeune fille).
Etant ainsi bien les témoins sincères des difficultés qu'affrontent leurs familles dans la vie de tous  les jours et du clivage existant entre le code moral acquis et celui réglant les comportements des individus en société, les jeunes se sentent d'autant plus désorientés qu'ils mettent en doute même le système des normes et des valeurs morales véhiculées par le biais des agents socialisants, la famille et l'école entre autres.
Il s'agit pour eux d'une nouvelle société caractérisée par la domination et l'exploitation du "pauvre" par le "riche", par la quête du profit, l'apparition du clientélisme et l'inégalité profonde et injuste entre les diverses catégories sociales.
Ceci dit, ne s'agit-t-il pas sur le plan axiologique et normatif d'une crise qui, tout en reflétant la "perte" et le désarroi de certains parents, se manifeste dans l'indétermination des statuts et des rôles réservés à la jeune génération? Ne s'agit-il pas en fait dans une perspective psychosociale d'un problème de communication entre les agents socialisants et les jeunes? Assurément, il est question d'un profond problème entre les jeunes et les acteurs sociaux,.
Les jeunes et les représentations des valeurs religieuses :
Répondre à la question posée ci-dessus : quelles sont d'après vous les valeurs en Islam ?, exige pour plus de clarification ce qu’on entend par valeurs religieuses au cours de cet exposé. Les valeurs auxquelles on se réfère sont liées à la vie quotidienne, aux comportements interindividuels, intergroupes et qui selon les agents socialisants (parents, les enseignants et les différents acteurs sociaux) relèvent du domaine de la religion.

1 - la dimension religieuse (التدين) comme valeur fondamentale:  donne sens à la vie du croyant, et l’incite à s'élever moralement et spirituellement à travers un code de bienséance dans les rapports humains lié à la pratique religieuse).
2 – l’éthique, valeur fondamentale qui constitue l'un des fondements du système éducatif et qui implique valeurs tels que le respect d'autrui, la compassion, la bonté, la miséricorde, le pardon.
3 - valeur fondamentale : la recherche de la connaissance et du savoir. La religion musulmane(le coran et la sunna) soutient et encourage le fait de chercher et d’apprendre  par le biais de la réflexion et l'observation
4 - le noyau familial : autre valeur fondamentale. Un verset Coranique exprime avec force, la gratitude envers les parents, il est dit en effet ceci : "incline, vers eux, avec bonté, l'aile de la tendresse, Sois miséricordieux envers eux, comme ils l'ont été envers toi, lorsqu'ils t'ont élevé,  enfant. ".
5-Valeurs  fondamentales, telles que l’hospitalité, la générosité et la solidarité. Le coran, la sunna et les savants musulmans incitent à la pratique de ces valeurs d’une manière claire.
Le concept de religion renvoie à des phénomènes sociaux complexes. Les rites  (prière, sacrifice, jeûne), les croyances et les représentations, sont au centre des études sur la religion. Ce n'est pas de notre tâche l'étude de tels phénomènes,  mais nous nous sommes interrogés sur la conception, la représentation des jeunes sur les valeurs religieuses à travers leurs relations sociales, voire leurs interactions interindividuelles et intergroupes dans un champ socioculturel en changement.                                                                                                                       Pour la plupart des jeunes interviewés, de telles valeurs religieuses relevant de l'Islam appartiennent à l'irréel, à une réalité autre que  celle de tous les jours, il s'agit d'un certain clivage dans les représentations des jeunes entre le vécu et le théorique (l’idéal),  c'est-à-dire entre les normes et les valeurs religieuses acquises dans les institutions socialisantes (la famille, l'école, etc..) et les comportements dans la vie pratique. Il s’agit de valeurs « utopiques » qui n’ont pas de relation avec les valeurs en cours dans la vie quotidienne.                                                                Il ressort du contenu de leurs discours une grande surprise et un profond étonnement quand à la morale adoptée par les membres  de la société dans tous les secteurs de la vie en société.
A vrai dire, étant les premiers lieux déterminants dans le processus de socialisation, la famille et l'école présentent à l'enfant devenu jeune, une société où règnent  les valeurs religieuses: la justice, la liberté, la solidarité, la générosité, les rapports de bienséances, l'idéal, l'absolu, bref, une société ne ressemblant que très peu à celle de la civilisation moderne, actuelle, dont le cadre morale est ouvert, flexible, voire imprévisible, basé sur l'efficacité, l'action et la recherche du profit tout en  tenant compte de la loi et dans une certaine mesure le respect des droits de l’homme.
Aussi, étant en difficulté pour se forger un système de représentations plus ou moins cohérent, les jeunes se sentent "perdus" et se laissent guider par l'improviste et l'immédiat. Ceci montre à quel point les jeunes sont exposés par leurs fragilité intellectuelle et cognitive à la dépression, à la suspicion, au doute, qui alimentent et incitent les jeunes à développer une orientation religieuse extrémiste, loin des principes de la modération et de la tolérance sur lesquelles est fondé l'Islam.
Il serait intéressant de mobiliser les compétences sur les plans éducatif, social, culturel, juridique, a fin de favoriser l'émergence d'une personnalité jeune épanouie, cohérente dans ses représentations axiologiques, dans le cadre d'un projet sociétal cohérent et efficace.
Bibliographie
-Baudrillard J., La société de consommation, Denoël, 1970.
-BERQUE J.: «Maghreb, histoire et sociétés», Alger. Ed. J. Duculot. 1974. 227 pages
--Bensmain A. Crise du sujet, crise de l’identité  Afrique Orient, 1984.
- Bourdieu P., Questions de sociologie, Les éditions de Minuit, 1984.
-Camilleri C., Jeunesse, Famille et Développement, Paris, CNRS. 1973.
- CAMllLERI C.: Images de l'identité et ajustement culturels au Maghreb. ln:  Peuples Méctiterranéens. Juillet-septembre 1983, n? 24. Pp (177- 152),
-Castellan Yvonne, La famille, Paris, PUF, Col. Que-sais-je? 1982.
-Chazaud J., La personnalité, ses dimensions et son développement, Privat, 1980.
-Clapier S.  V., Les théories de la personnalité, Paris, PUF, Col. Que-sais-je? 1986.
-Debesse  Maurice : L’adolescence,  Paris, PUF, Col. Que-sais-je? 1951.
- ESCALIER R. : Citadins et espaces urbains au Maroc. Paris. C.N,R,S., Université de Tours et Poitiers. 1981, Tome 1. 185 Pages
-Filloux J.C, la personnalité, Paris, PUF, 1976.
-Fink S.L, Gérer les comportements individuels (pages 87/137), In MBA management sous la direction Allan R. Cohen, Paris, Maxima, 1995.  
-Haddiya E., Socialisation et Identité, Etude psychosociologique de l’enfant scolarisé au Maroc. Najah El Jadida, 1988.
-Haddiya E., Processus de la socialisation en milieu urbain au Maroc, Edit. FLSH. Rabat. 1996.
Haddiya E., Jeunesse, Education et changement social. Rabat Net 2014.(livre publié avec le soutien du ministère de la culture).
-Labourie R., Les institutions socio-culturelles, les mots-clés, PUF, 1978.
-Laing R. D., Soi et les autres, Paris Gallimard, 1971.
- LEHALLE, H. : Psychologie des adolescents, Paris, PUF, 1985.
-  Licata L. (2007). La théorie de l’identité sociale et la théorie de l’auto-catégorisation: le Soi, le groupe et le changement social. Revue électronique de Psychologie Sociale, 1, 19-33.
-Mannoni P ., La peur, Paris, PUF, Col. Que-sais-je? 1982.
-Martuccelli D., Sociologie de la modernité, Gallimard, 1999.
. - MIEGE J.l.: «le Maroc et l'Europe». Paris. P,U.F, 1963,
-Milgram, S. , Soumission à l’autorité, Paris,  Calmann-Lévy, 1974.
-Mitscherlich A., Vers la société sans pères, Gallimard, 1969.
-Moser Gabriel : L’agression,  Paris, PUF, Col. Que-sais-je? 1987.
-Moser Gabriel : Les stress urbains, Paris, Armand Colin, 1992.
-Milgram, S. , Soumission à l’autorité, Paris,  Calmann-Lévy, 1974.
-Mucchielli  Roger : Comment ils deviennent délinquants, Paris, Les Editions Sociales Françaises, 1965.


Share/Bookmark
Lire la suite...